نشرت مجلة الدعوة قصتين لامرأتين كان من أمرهما عجبٌ ، الأولى : لامرأة كانت في السابعة والخمسين من عمرها ، بدأت بحفظ القرآن وعمرها خمسون سنة ، فقد ذهبت كما تقول هذه المباركة إن شاء الله تعالى ، لتسجيل بناتها في دار تحفيظ القرآن ، وقد لفت نظرها نساء كبيرات في السن يدرسن في هذه الدار ، فقررت الالتحاق بهذه الدار ومن ثم بدأت بالحفظ ، والعجيب أيها الإخوة والأخوات أن عندها في البيت كما تقول هذه الأخت ثمانية عشر فرداً هي تقوم على خدمتهم ولا خادمة لديها ، وكانت كما تقول : تستغل وقت الراحة لحفظ كتاب الله ، وكانت مما ساعدها على ذالك وصية معلمتها ، فكانت توصيها بقول الله تعالى : {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ }البقرة282
ثم تذكر أن القرآن كما تقول أعطاني قوة في البدن وبركةً في الوقت .
وأعجبُ منها الأخرى ، فقد حفظت كتاب الله ، وعمرها أربعة وستون عاماً ، نعم ، أربعة وستون عاما ، تقول عن نفسها :
كان والداي رحمهما الله تعالى من حفظة كتاب الله تعالى ، وقد حرصا على تعليمنا إياه منذ صغرنا ولاسيما الوالد لأنه كان مجيد للقراءة المجودة ، فكان في فترة الضحى والظهر يععلمنا القراءة ، ولما أصبح عمري اثني عشر عاما ختمت القرآن نظرا ، ثم واظبت على قراءته حسب ما أقدر عليه يوميا ، وبعدما تزوجت كنت أقرأ جزئين أو أكثر ولم أفرط في هذه المداومة حتى بعد أن أنجبت الأولاد وكثرت مسؤولياتهم ، فكنت أتحين الوقت الذي لا شغل لي فيه لأستغله بالقراءة ، كبر أبنائي وتزوجوا ، كنت أجلس كل يوم فترة الظهر أقرأ ، فلما رأت ابنتي اهتمامي ، أشارت علي أن أبذل جهدي لحفظ ما أقدر عليها ، فاعتبرت رأيها بمثابة النصيحة ، سعيت للعمل بها كما تقول ، وعلى إثرِ تلك النصيحة ، بدأت بالحفظ بحمد الله تعالى ، كنت أجلس ظهر كل يوم أقرأ سورة وأرددها في كل وقت ، وأقرأها في الصلاة ولا أنتقل منها حتى أحفظها تماماً ، بقيت على هذا أربع سنوات ، أتممت خلالها حفظ سبعة عشر جزءً ، وخلال هذه الفترة ، فتحت عندنا في الحي دار لتحفيظ القرآن الكريم ، فسجلت بها ، وراجعت عند المعلمة ما حفظت ، ثم واصلت الحفظ ، وخلال عامين أنهيت الأجزاء المتبقية منه ، نعم ، واجهتني بعض الصعوبات ، كصعوبة الحفظ لتقدم السن ، ولكنني لم أستكن ولم أمل أمام هذه العقبة ، فرجائي بالله واسع ، وقلبي كان منغرقاً بهذه الأمنية العظيمة ، وبفضله ومنته تحققت لي .
وهل تظنون أيها الإخوة والأخوات أن همة هذه المرأة توقفت عند هذا الحد ، كلا ، فقد أصبحت كما تقول معلمة في المسجد تدرس نساء الحي طيلة أيام الأسبوع ، عدا يوم الأربعاء فهي تذهب إلى دار التحفيظ حتى تراجع حفظها عند المعلمات هناك ، حتى تقول هذه الأخت : لقد أخذ الحفظ والتدريس جل وقتي ولم أعد أخرج من البيت للزيارات إلا قليلا ، إذا كان هناك واجب لابد من تأديته كزيارة مريضة مثلا ، حتى تقول : وأظن أن هذا أمر طيب لأن مجالس النساء فارغة لا خير فيها ، ثم توجه نصيحتها للنساء قائلة :
أوصيهن أن يوجهن اهتمامهن لكتاب الله عز وجل ففيها الخير الكثير .
تعليق :
لا أخفيكم سراً أنه تملكني شعور أن الأمة ما زالت بخير ، ووالله الذي لا إله إلا هو لقد وصل إلي عدد ليس باليسير من أخبار الحافظات ، فقلت في نفسي : أمة تتعلق مربية الأجيال فيها بكتاب ربها إنها لأمة خير !
أيتها الأم : لا يحولن بينكِ وبين كتاب ربك كبر ولا أولاد فقد سمعتِ من أخبار الكبيرات عجبا .
ويا فتاة الإسلام : دونكِ هذه النماذج ، يا من تتحججين بسوء الحفظ ومشاغل الأولاد إن الخلاص كل الخلاص في التمسك بكتاب الله العظيم ففيه الفرج والمخرج ، مع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصدق القائل حيث يقول :
وليس اغتراب الدين إلا كما ترى *** فهل بعد هذا الاغتراب إياب
ولم يبقى للراجي سلامة دينه *** سوى عزلة فيها الجليس كتاب
كتاب حوى كل العلوم وكل ما *** حواه من العلم الشريف صواب
فإن رمت تاريخاً رأيت عجائباً *** ترى آدم إذ كان وهو تراب
ولا قيت هابيل قتيل شقيقه *** يواريه لما أن أراه غراب
وتنظر نوحى وهو في الفلك قد طغى *** على الأرض من ماء السماء عباب
وإن شئت كل الأنبياء وقومهمُ *** وما قال كل منهُم وأجابُ
وجنات عدن حورها ونعيمها *** ونار بها للمشركين عذاب
فتلك لأرباب التقى وهذه *** لكل شقي قد حواه عقاب
وإذ ترد الوعظ الذي إن عقلته *** فإن دموع العين عنه جواب
تجده وما تهواه من كل منهل *** وللروح منه مطعم وشراب
وإن رمت إبراز الأدلة في الذي *** تريد فما تدعوا إليه تجاب
تدل على التوحيد فيه قواطع *** بها قطعت للملحدين رقاب
وما مطلب إلا وفيه دليله *** وليس عليه للذكي حجاب
وفيه الدواء من كل داء فثق به *** فوالله ما عنه ينوب كتاب
يريك صراطاً مستقيماً وغيره *** مفاوز جهلٍ كلها وشعاب
يزيد على مر الجليدين حدة *** فألفاظه مهما تلوت عذاب
وآياته في كل حين طرية *** وتبلغ أقصى العمر وهي كعاب
وفيه هدى للعالمين ورحمة *** وفيه علوم جمة وثواب
يا فتاة الإسلام : كوني كالأترجة ، لا أريدك أن تكوني كالتمرة ، وإنني أعيذك بالله أن تكوني كالريحانة أو الحنظلة ، تلك هي التي لا تقرأ كتاب ربها حينما هجرته ، واستبدلت ذالك بالمجلات الساقطة والروايات الهابطة ، حتى علا على قلبها الران فأصبحت لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا ، والله تعالى المستعان
ثم تذكر أن القرآن كما تقول أعطاني قوة في البدن وبركةً في الوقت .
وأعجبُ منها الأخرى ، فقد حفظت كتاب الله ، وعمرها أربعة وستون عاماً ، نعم ، أربعة وستون عاما ، تقول عن نفسها :
كان والداي رحمهما الله تعالى من حفظة كتاب الله تعالى ، وقد حرصا على تعليمنا إياه منذ صغرنا ولاسيما الوالد لأنه كان مجيد للقراءة المجودة ، فكان في فترة الضحى والظهر يععلمنا القراءة ، ولما أصبح عمري اثني عشر عاما ختمت القرآن نظرا ، ثم واظبت على قراءته حسب ما أقدر عليه يوميا ، وبعدما تزوجت كنت أقرأ جزئين أو أكثر ولم أفرط في هذه المداومة حتى بعد أن أنجبت الأولاد وكثرت مسؤولياتهم ، فكنت أتحين الوقت الذي لا شغل لي فيه لأستغله بالقراءة ، كبر أبنائي وتزوجوا ، كنت أجلس كل يوم فترة الظهر أقرأ ، فلما رأت ابنتي اهتمامي ، أشارت علي أن أبذل جهدي لحفظ ما أقدر عليها ، فاعتبرت رأيها بمثابة النصيحة ، سعيت للعمل بها كما تقول ، وعلى إثرِ تلك النصيحة ، بدأت بالحفظ بحمد الله تعالى ، كنت أجلس ظهر كل يوم أقرأ سورة وأرددها في كل وقت ، وأقرأها في الصلاة ولا أنتقل منها حتى أحفظها تماماً ، بقيت على هذا أربع سنوات ، أتممت خلالها حفظ سبعة عشر جزءً ، وخلال هذه الفترة ، فتحت عندنا في الحي دار لتحفيظ القرآن الكريم ، فسجلت بها ، وراجعت عند المعلمة ما حفظت ، ثم واصلت الحفظ ، وخلال عامين أنهيت الأجزاء المتبقية منه ، نعم ، واجهتني بعض الصعوبات ، كصعوبة الحفظ لتقدم السن ، ولكنني لم أستكن ولم أمل أمام هذه العقبة ، فرجائي بالله واسع ، وقلبي كان منغرقاً بهذه الأمنية العظيمة ، وبفضله ومنته تحققت لي .
وهل تظنون أيها الإخوة والأخوات أن همة هذه المرأة توقفت عند هذا الحد ، كلا ، فقد أصبحت كما تقول معلمة في المسجد تدرس نساء الحي طيلة أيام الأسبوع ، عدا يوم الأربعاء فهي تذهب إلى دار التحفيظ حتى تراجع حفظها عند المعلمات هناك ، حتى تقول هذه الأخت : لقد أخذ الحفظ والتدريس جل وقتي ولم أعد أخرج من البيت للزيارات إلا قليلا ، إذا كان هناك واجب لابد من تأديته كزيارة مريضة مثلا ، حتى تقول : وأظن أن هذا أمر طيب لأن مجالس النساء فارغة لا خير فيها ، ثم توجه نصيحتها للنساء قائلة :
أوصيهن أن يوجهن اهتمامهن لكتاب الله عز وجل ففيها الخير الكثير .
تعليق :
لا أخفيكم سراً أنه تملكني شعور أن الأمة ما زالت بخير ، ووالله الذي لا إله إلا هو لقد وصل إلي عدد ليس باليسير من أخبار الحافظات ، فقلت في نفسي : أمة تتعلق مربية الأجيال فيها بكتاب ربها إنها لأمة خير !
أيتها الأم : لا يحولن بينكِ وبين كتاب ربك كبر ولا أولاد فقد سمعتِ من أخبار الكبيرات عجبا .
ويا فتاة الإسلام : دونكِ هذه النماذج ، يا من تتحججين بسوء الحفظ ومشاغل الأولاد إن الخلاص كل الخلاص في التمسك بكتاب الله العظيم ففيه الفرج والمخرج ، مع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصدق القائل حيث يقول :
وليس اغتراب الدين إلا كما ترى *** فهل بعد هذا الاغتراب إياب
ولم يبقى للراجي سلامة دينه *** سوى عزلة فيها الجليس كتاب
كتاب حوى كل العلوم وكل ما *** حواه من العلم الشريف صواب
فإن رمت تاريخاً رأيت عجائباً *** ترى آدم إذ كان وهو تراب
ولا قيت هابيل قتيل شقيقه *** يواريه لما أن أراه غراب
وتنظر نوحى وهو في الفلك قد طغى *** على الأرض من ماء السماء عباب
وإن شئت كل الأنبياء وقومهمُ *** وما قال كل منهُم وأجابُ
وجنات عدن حورها ونعيمها *** ونار بها للمشركين عذاب
فتلك لأرباب التقى وهذه *** لكل شقي قد حواه عقاب
وإذ ترد الوعظ الذي إن عقلته *** فإن دموع العين عنه جواب
تجده وما تهواه من كل منهل *** وللروح منه مطعم وشراب
وإن رمت إبراز الأدلة في الذي *** تريد فما تدعوا إليه تجاب
تدل على التوحيد فيه قواطع *** بها قطعت للملحدين رقاب
وما مطلب إلا وفيه دليله *** وليس عليه للذكي حجاب
وفيه الدواء من كل داء فثق به *** فوالله ما عنه ينوب كتاب
يريك صراطاً مستقيماً وغيره *** مفاوز جهلٍ كلها وشعاب
يزيد على مر الجليدين حدة *** فألفاظه مهما تلوت عذاب
وآياته في كل حين طرية *** وتبلغ أقصى العمر وهي كعاب
وفيه هدى للعالمين ورحمة *** وفيه علوم جمة وثواب
يا فتاة الإسلام : كوني كالأترجة ، لا أريدك أن تكوني كالتمرة ، وإنني أعيذك بالله أن تكوني كالريحانة أو الحنظلة ، تلك هي التي لا تقرأ كتاب ربها حينما هجرته ، واستبدلت ذالك بالمجلات الساقطة والروايات الهابطة ، حتى علا على قلبها الران فأصبحت لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا ، والله تعالى المستعان